سورة لقمان - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (لقمان)


        


يولج: يُدخل، والمعنى: يضيف الليل إلى النهار والعكس بالعكس. تجري: تسير سيرا سريعا. بنعمة الله: بما تحمله من خيرات للناس. غشيَهم: غطاهم. كالظلل: ما يظلل الناسَ من سحاب، يعني ان الموج يرتفع حتى يغطي السفينة. فمنهم مقتصد: سالك للطريق المستقيم. ختّار: غدار.
نحن نرى دائماً تقلُّب الليل وتناقصَهما وزيادتهما عند اختلاف الفصول، لذلك ألِفْنا هذه الآيات، مع أنها حقاً من المعجزات، فهذا الكون وما فيه من آيات عجيبة واسعة تحير الألباب، واللهُ وحده القادرُ على انشاء هذا النظام الدقيق العجيب وحفظه. وكل ما نرى في هذا الكون متحرك {يجري إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} ووقتٍ معلوم.
ثم يعقّب الله على ما تقدم بأنه الحق، وان كل ما يدعونه من دونه الباطل {هُوَ العلي الكبير} سبحانه وتعالى عما يصفون.
وبعد أن ذكر الآيات العلوية الدالة على واحدانيته أشار إلى آيةٍ أرضية فقال: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِي فِي البحر بِنِعْمَةِ الله لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.
ألم تشاهد ايها الرسول تلك السفن تمخر عباب البحر بنعم الله المحملة عليها للناس ليريكم من آياته ولدلائله، ان في ذلك لآيات لكل من راض نفسه على الصبر على المشاق، طلباً للنظر في نفسه وفي الآفاق، وعوّدها الشكر لمانح النعيم ومسديها لنا سبحانه وتعالى.
ولكن الناس لا يصبرون، ولا يشكرون، فان اصابهم الضر جأروا وصاحوا واستجاروا، وعندما ينجيهم الله من الضر لا يشكر منهم الا القليل.
{وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كالظلل دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ}.
وهذه طبيعة البشر عندما يحيط بهم الخطر يخلصون لله ويؤمنون، واذا نجوا فمنهم من يشكر وهم القليل، والكثير جاحد غدار كفور. وهذا المعنى جاء في سورة يونس الآيتان 22 و23.


اتقوا ربكم: خافوا عقابه. لا يجزي: لا يغني ولا ينفع. الغرور: بفتْح الغَين، ما غرَّ الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان. الساعة: يوم القيامة. الغيث: المطر. ما في الارحام: ما في بطون الحبالى من مواليد.
يختم الله هذه السورة الكريمة بآيتين عظيمتين، الأولى فيها يذكّر الناسَ بالتقوى والعمل الصالح، وان هناك هولاً أكبر من هول البحر، وذلك هو يوم القيامة بحيث لا ينفع والد ولدَه، ولا ولد ولاده.
والثانية قوله تعالى: {إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة وَيُنَزِّلُ الغيث وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرحام وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} فقرر أن ثلاثة من هذه الخمسة لا يعلمها الا هو، وهي وقت قيام الساعة وعدم علمِ أي إنسان ماذا يكسب غداً، ولا في أي ارضٍ يموت.
وقال: {وَيُنَزِّلُ الغيث وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرحام} فلم يحصر هذين الأمرين بعلمه. وذلك لسابق علمه أن الإنسان بإعمال عقله يمكنه ان يكتشف اموراً كثيرة. وقد استطاع الإنسان باستعمال عقله والعلم وتوفيق الله ان ينزل المطر في بعض المناطق وان كل على نطاق ضيق، ونفقات عالية.
وساتطاع بوساطة الآلات الحديثة ان يعلم نوع الجنين في الأرحام ولا يزال يجهل كثيراً من الأمور. {وَمَآ أُوتِيتُم مِّن العلم إِلاَّ قَلِيلاً....} [الاسراء: 85]
وهكذا تختم هذه السورة بهذا الستار المسدول والعلم العجيب. فتبارك الله خالق القلوب ومنزل هذا القرآن شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للعالمين.

1 | 2